زها حديد امرأة عربية عراقية تربعت على عرش هندسة العمارة العالمية

ووصفت بأنها كوكب يدور في مجرة واحدة .. مهندسة معمارية عراقية الأصل حاصلة على الجنسية البريطانية حققت نجاحا باهرا في مجال اختصاصها، حيث اهتمت بالعلاقات بين الهندسة المعمارية والمناظر الطبيعية والجيولوجيا، وأدخلتها في ممارسة مهنتها. وللعالمة العراقية زَها حديد من اسمها نصيبان، الأول أنها قدمت للتجربة الإبداعية العمرانية على كوكب الأرض نماذج زاهية فزها بها هذا الفن وازدهر، ثم إنها خاضت تحديات ريادية جسيمة جعلت منها امرأة حديدية الإرادة بامتياز، وُلدت هذه المبدعة زها حديد في بغداد عام 1950م وهي ابنة وزير المالية الأسبق محمد حديد، الذي أدار اقتصاد العراق في الفترة ما بين عام 1958 و لغاية عام 1963 م. حيث نشأت المبدعة زها حياتها في بيت ميسور الحال وسياسي من الطراز الأول، وقد تلقت الدراسة الابتدائية والثانوية في مدرسة الراهبات الأهلية في العراق، وبعدها انتقلت إلى بيروت للدراسة في الجامعة الأمريكية، حيث حصلت على بكالوريوس في الرياضيات، ثم ذهبت إلى لندن لدراسة الهندسة المعمارية، بالجمعية المعمارية في لندن، ومن هنا بدأت مسيرتها المبدعة والمتميزة، حيث حصلت منها على إجازة في هندسة العمارة وذلك عام 1977، وأصبحت لاحقا مدرسة في الجمعية، إذ عملت كمعيدة في الكلية ثم عينت أستاذة زائرة وأستاذة كرسي في عدة جامعات بأوروبا وأميركا، منها هارفرد وشيكاغو وهامبورغ وأوهايو وكولومبيا ونيويورك. وبسبب تفردها وإبداعها المتميز في خلق جديد في عالم الهندسة المعمارية، في بداية مشوارها لم يتم استيعاب هذا الابداع الجديد وكان يرى الجميع أن أعمالها مجرد تصميم على الورق، مستحيلة التحقيق والتبني، وبالفعل، فشلت في إثبات نظريتها، في بادئ الأمر، ففي عام 1983، لم يتم تنفيذ مشروعها منتجع القمة، وبعد عشر سنوات من الاصرار، صممت مبنى الأوبرا في عاصمة ويلز كارديف، لكنه واجه معارضة واسعة، ولم يتم دعمه ماديًا ولا حتى تم قبوله مجتمعيًا، واعتبره الجميع مستحيلًا.

ولكن في الواقع كل هذه التحديات والصعوبات التي واجهتها لم تنل من عزيمتها، بل كانت بمثابة الدافع الكبير للمثابرة، فبعد أكثر من 10 سنوات، تمكنت من تنفيذ حلمها بتنفيذ وبناء دار الأوبرا، في غوانغجو بالصين، والتي أضحت ثالث أكبر مسرح في الصين ككل. ثم تلا ذلك تنفيذها لمشروع مركز الفن المعاصر في سينسيناتي في ولاية أوهايو الأمريكية، والذى أسكت الكثير ممن كان يزعم بأن تصاميمها مجرد خيال جميل على الورق، من المستحيل تطبيقه في الواقع. وهذا كله نتيجة لتميز أعمالها بإبداع معماري يقع في إطار المدرسة التفكيكية أو التهديمية، وهو اتجاه ينطوي على تعقيد عال وهندسة غير منتظمة، كما أنها كانت تستخدم الحديد في تصاميمها بحيث يتحمل درجات كبيرة من أعمال الشد والضغط تمكنها من تنفيذ تشكيلات حرة وجريئة.

وقد ظهر هذا الاتجاه في عام 1971، ويُعد من أهم الحركات المعمارية التي ظهرت في القرن العشرين. ويدعو هذا الاتجاه بصفة عامة إلى هدم كل أسس الهندسة الإقليديسية، المنسوبة إلى عالم الرياضيات اليوناني إقليدس، من خلال تفكيك المنشآت إلى أجزاء. ورغم الاختلاف والتناقض القائم بين رواد هذا الاتجاه، إلا أنهم يتفقون على أمر جوهري وهو الاختلاف عن كل ما هو مألوف وتقليدي. وأعمال زها تقع ضمن الاتجاه البنائي الحديث وقد ارتبط هذا الاتجاه أيضا بأعمال ريم كولاس؛ وتتلخص رؤيتهم للتفكيك في تحدي الجاذبية الأرضية من خلال الإصرار على الأسقف والكمرات الطائرة، مع التأكيد على ديناميكية التشكيل، حتى إنه أُطلق على أعمال زها اسم التجريد الديناميكي.

أهم انجازاتها

على الرغم من غرابة تصاميم حديد وصعوبة تنفيذها، إلا أن إصرارها ساهم بدرجة كبير فى تحويل الرسم لأبنية، ومن ناحية أخرى لعب التطور التكنولوجي بداية من منتصف التسعينيات، دورًا كبيرًا، فى تحول هذه التصميميات إلى حقيقة ملموسة، نفذت زها ما يزيد عاى 950 مشروعًا، فى 44 دولة، من أبرزها الآتي:

  • الاستاد الأوليمبي بلندن، الذي كان ضمن ملف مدينة لندن، لاستضافة الألعاب الأولمبية في عام 2012.
  • المسجد الكبير في ستراسبورج بفرنسا (2000)
  • منصة التزحلق الثلجي في “أنزبروك” (2001)
  • جسر الشيخ زايد في الإمارات
  • كايرو أكسبور سيتى فى القاهرة – مصر
  • متحف الفنون الإسلامية في الدوحة
  • دار الأوبرا في دبي
  • محطة إطفاء الحريق في ألمانيا
  • المبنى العائم بدبي
  • دار الملك عبد الله للثقافة والفنون في الأردن
  • متحف “غوغنهايم والأرميتاج”
  • استاد الوكرة القطري، وهو واحد من 6 ملاعب قطرية استضافت مونديال 2022

الأوسمة والجوائز

نالت المبدعة زها حديد العديد من الجوائز والأوسمة ومن أهمها لآتي:

  • عام 2004 جائزة “بريتزكر” التي تعد بمثابة “نوبل” في الهندسة المعمارية كأول امرأة تحصل على هذه الجائزة.
  • عام 2010 جائزة “ستيرلينغ” البريطانية، إحدى أهم الجوائز العالمية في مجال الهندسة، كما منحت وسام الشرف الفرنسي في الفنون والآداب برتبة كومندور وسمتها اليونيسكو “فنانة للسلام”.
  • في العام 2015، باتت أول امرأة أيضا تنال الميدالية الذهبية الملكية للهندسة المعمارية، وفي العام نفسه، اختارتها مجلة “تايم” من بين الشخصيات المئة الأكثر نفوذا في العالم.

توفيت زها حديد عام 2016 م. عن عمر ناهز ال 65 عاما. مخلفة وراءها إرث عظيم من المباني الرائعة حول العالم. لتكون تجربتها من أكثر التجارب إلهامًا، ليس للمرأة العربية فقط بل لكل نساء العالم.

اعداد الدكتورة صفاء قدور

الجمهورية العربية السورية

(Visited 68 times, 1 visits today)

المحررون

>

قد يثير اهتمامك