زها حديد الأسلوب والتفرد المعاصر في الفن والعمارة

الفنانة المعمارية العراقية زها حديد تعرضت للسخرية والنقد في مسيرتها الإبداعية في العمارة لكنها كانت تستمر في تقديم أفكارها الخلاقة في تصميم الأسطح والفضاءات المتحررة من قيود الهندسة المعمارية التقليدية.
زها حديد اول مهندسة تتوج بجائزة ستيرلينغ
زها قامت بتنفيذ العديد من المشاريع الفريدة والعملاقة في عدد من مدن العالم
'مهندسة الورق' تمكنت من فرض وجودها في الفن المعماري العالمي

قبل سنوات اثناء دراستي في كلية فينكس بقسم التصميم والتصوير،  كنت احيانا اقضي بعض الوقت بالمكتبة لاستخدام الكمبيوتر المخصص للطلبة واحيانا اتصفح المجلات الموجودة في تخصصات مختلفة.
 كنت دائما شغوفا بعدد فصلي لمجلة اميركية اسمها "تصميم داخلي" وتقوم هذه المجلة بنشر احدث الابتكارات والانجازات والمشاريع وتضع صور واقوال اشهر من أثروا وغيروا في مجال العمارة والفن والتصميم وكان لا يخلو عدد من اعدادها من صور واقوال زها حديد.
والفنانة والمعمارية زها حديد قدمت اسلوبا أستثنائيا وافكارا في الهندسة لم يجرؤ على تقديمها اي فنان ومهندس معماري من قبل وقبولت اكثر تصاميمها في البداية بالرفض والاستنكار من قبل النقاد والمصممين والشركات العقارية والاستثمارية كون هذه الأفكار من الصعب تنفيذها والذائقة العالمية والسوقية لا تتقبلان الجرأة المطروحة في هذه التصاميم.
والتصاميم عند زها حديد عبارة عن كتلة تجميعية من حوائط او اسقف ذات شكل هندسي او عضوي حيث يهدف فن التشكيل عندها الى خلق فراغات تحقق متعة جمالية وفنية ذات اطار معماري متفرد بحيث تتلاعب بكتل الأجسام وتمنحها القدرة على المطاولة والمرونة مع باقي فضاءات التصميم.

 وقد اشتغلت على خلق توازن ونسق حركي ما بين الأجسام الصلبة المحلقة او الثابتة وبين النوافذ والأشكال الجمالية للمباني وكل ذلك يدفع المتلقي الى الإحساس بأنهُ ضمن مبنى غير جامد اي هناك تفاعل جمالي وحسي بين التصميم والمتلقي.
 هذا المفهوم كان غريب لدى النقاد والمعماريين مما جعل النقاد والمختصين يقومون بوضعها ضمن تصنيف "العمارة التفكيكية" والذي اقيم لهم معرض في مدينة نيويورك في متحف الفن الحديث. 
وجاء اشتراكها في هذا المعرض بعد اول مسابقة للمنافسة بتصميم مشروع "ذا بيك" في هونك كونك والذي لم تفز بتصميمه ولكنه لفت الأنظار اليها بقوة لفرادة التصميم وقوته الأخاذة في التحليق بالخيال بعيدا عن الأنماط السائدة في الهندسة المعمارية.
وظلت زها حديد تقدم مشاريعها وتصاميها منذ  1983الى 1989 دون ان ينفذ لها مشروع واحد مهم حتى اطلق عليها "مهندسة الورق" كون اغلب مشاريعها تعرض على شكل مجسمات ولوحات في قاعات العرض والمسابقات الدولية وفي متاحف عالمية.
وكان اول مشروع تم قبوله هو تصميم محطة اطفاء فيترا في برلين، ويتكون الهيكل من سلسلة من الطائرات ذات زوايا حادة ويعطي التصميم لطائرة اثناء التحليق. 
وتلتها مشاريع اخرى في لندن وويلز بينت اهتمام زها بخلق مساحات مترابطة وشكل نحتي ديناميك للعمارة.
عام 2000 عززت زها حديد مكانتها كمهندسة ومعمارية فريدة حين فاز تصميمها في ولاية "اوهايو" لتصميم متحف لويس روزنتال للفن المعاصر بمساحة 85000قدم.
 وهو عبارة عن سلسلة عمودية من المكعبات والفراغات الذي يعرض بواجهة جانبية زجاجية نصف شفافة محتويات المتحف، وينحني بخط المبنى بلطف الى الأعلى وكأنه يرحب بالزائرين

عراق
أسلوبها الخاص ساهم في اثراء مسيرة الفن المعماري في العالم

في عام 2010 توجت زها حديد مسيرتها بالفوز في تصميم جريء ومتخيل للمتحف "ماكسي" في روما وحصلت على اثره على جائزة ستيرلينغ المعهد الملكي للمهندسيين المعمارين وكانت هذه اول جائزة تمنح لأمرأة مهندسة.
 وتلتها في العام الذي بعده بجائزة اخرى من نفس المعهد عن تصميم لهيكل انيق صممته لأكاديمية "ايفلين جريس".
وتوالت بعد ذلك تنفيذ الكثير من مشاريعها الفريدة والعملاقة في عدد من المدن والعواصم المختلفة ولكن ايضا استمر الجدل والنقد لكثير من هذه المشاريع من عدد من نظرائها المعمارين والمهتمين بالفن كما حدث في تصاميم الأولمبية في اليابان.
 يقول بعض الكتاب أن ما تعرضت له زها حديد من سخرية ونقد في مسيرتها الإبداعية في العمارة لم يتعرض لهُ نظرائها من الذكور ولكنها كانت تتقدم وتستمر في تقديم أفكار خلاقة وفرادة في تصميم الأسطح والفضائات السائبة والتي تتحرر من قيود الهندسة المعمارية التقليدية. لذلك تميز اسلوبها بالعالمية وتم تدريسه ولهُ مساحة تأثير خاصة في مسيرة الفن العالمية.